االسلام على روحك الطاهرة وتربتك الزكية ، السلام عليك يا شمس الحياة يا أمي , أناديك قائل : هل تسمعين صراخ مشاعري نحوك أم هناك صراخا آخرا برفقتك ؟ من صويحباتك
أه يا اماه من ذكرى لكل جزء تحملينه من عطف وحنان وإحساس , أن تسمعيني وتمسكي بيدي طائفة بي على أزقة قلبك , رحيلك يا أماه أعجزني وأبكاني يا أمي . كم كنت اتمنى استمرارك بالحياة حتى يقال أن هذا ( المنذر أبن لتلك الدكتورة ) شمس الالمعي تلك الام التي ادت حقوقها لإبناءها رغم كثرة إنشغالاتها . ربت فأحسنت التربية . هذا أنا يا أمي
ثمرة من ثمار تربيتك تمنيتي ولكنك رحلت وتركتي أمنيتك فينا أبناءك . ولكني سأسلك طريقك الذي سلكتيه طريق كتاب الله وطريق المصطفى وأبشرك يا امي بالجنه إن التقينا بإني أخذت نفس صفاتك حتى يقال عني أبن لتلك ( الداعية الصامته )
أمي يصبح الصمت لغتي في حالات عدة ، منها حين انوي الكتابة ، أجسد شخوصي وأعطيها القلم لتعبر عن نفسها ، دون تدخل مني ، فكيف إذا كان عن فقدك يا أمي , وهنا أمسكت قلمي بتأن وفتحت غطاءه لأطبع نبض قلبي , لألملم شتات حروفي وبكل وجع بكيت , وهنا بالتحديد على هذه الصفحة بصمت ، كم أحتاج إلى الصمت إلى السكينة إلى الهدوء احتاج إليها كي أستطيع أن أرثيك يا أمي ، كنت أتمنى احتضانك آآآآه ما أكبر ألمي بفقدك , آآآآه يا ألمي وما أصعب حياتي بعد رحيل أمي , يا عطاء ما بعده عطاء يا أمي.
أمي كيف أبدأ حزني على فراقك بل كيف أنتهي منه , ليس لي من كلمات يمكن أن تعبر عن كبر قدرك يا أمي , سأكتب لك يا أمي حنيني وسأخفي بين سطوري أنيني , ليتساقط دمعي خجلا منك لأني لم افعل لك شيئا , تركتني أبجدية الكلام وهزمني القدر لأبقى عالق في مدارك , أنا منك من فيض عطائك الغير محدود , لست أتلذذ الأنين والآهات ولكن رحيلك أفقدني الصواب , فقلمي عاجز أمام أوجاعي لم تعد تسعفه اللغة, حيث تعلمت على يديك كل شيء في الحياة : الكرم والأخلاق والصبر والعطاء والحلم , لكنك يا أمي نسيتي أن تقولي لي كيف أتغلب على وجع الحياة بعد رحيلك , وكيف أتعود على فراقك , معاذ الله أن اعترض على أقدار الله ولكني أتساءل كيف الاحتمال !؟ عذراً يا قلمي فأنا أمر بأحزان أدبية , وكأن السماء بكت بل الكلمات تعاطفت لحزني عليك بعد رحيلك يا أمي .
أمي أيا لغة تحتوي حزني الباذخ فإي مساحة تتسع لشجني هذا المساء , الكلام متقطع والحروف لا تستقيم في حضرتك يا أمي ، الآن فقط لا أستطيع الكتابة ، تصبح الكتابة كلاماً سخيفاً في حضرة موتك ، لا يليق بموتك الليلة إلا كلمات عارية من بذخ الكتابة ، لا يليق برثائك إلا لون الأكفان ، أشعر إن الكتابة الآن ترف لا قدرة لي على اجتراعه ،
أمي أعلم أن القراء النقاد سيقولون : كلامي ساذج وبلا منطق ولكن من قال لهم أنني الآن أكتب لهم ، كل شيء يتهاوى الآن, يتساقط بارداً في قاع روحي : اللغة والأفكار كلها تتساقط هذا المساء على روحي تساقط الثلج الكئيب في ليلة كئيبة موحشة , آه أيها الموت لقد اقتربت مني كثيراً بموت أمي وهاأنا ذا عاري القلب أحس ببرد أناملكَ أيه الموت على روحي .
أمي اعذريني لم تستطع يداي المكبلة بالقدر أن تفعل شيئا سوى أن تحتضنك وتنهمر عيني بالدموع , حين كانت يداي بالأمس تحتضن جسدك المتعب بالألم , حين كنتِ تقاومين تلك الأجهزة المحيطة بسريرك الأبيض , وحين حلقت روحك في السماء في اتجاه خالقها بسلام , كأنك غفوت بعد عناء وجع طويل , إلى أن حل القدر ورحلت إلى ما أنتِ قادمة له مشرقة مطمئنة , وتركتِ في روحي ألما وفي عيني دمعاً لن يغسل انهماره حزناً خيم على حياتنا نحن أبناءك , وقلباً مكسورا راضيا بقدر الله وقضائه .
أمي تبدو ذاكرة روحي مثقلة بالتفاصيل والحكايات, فلا يعود المكان هو المكان ولا الذكريات هي الذكريات ولا الروح هي الروح, لكن مجرد فكرة إن مكانك يبقى موجودا وان بإمكاني إذا استبد بي الحنين , أن أعود إليه أنبش في إرجاءه عن ذكريات كانت لك, هذا الأمر يبقى تعويذة ضد وجع رحيلك يا أمي , حكايات و حكايات ولكن أعمق حكاياتي كانت لفقدك يأمي حد الوجع .
أمي قيل لي ذات مساء : إن كان "للحزن خمسة أصابع"، فكم إصبعا للفرح ؟ وأنا في لحظة موتك مٌسحت كل ساعات الفرح التي عشتها منذ وقت طويل أمام حزن رحيلك , لم أدرك وأعرف كم أنت صبورة وعاشقة للجنان بإيمان عميق , لأن الله سيكون معك في تلك الصراعات على تلك الأسرة البيضاء ورغم كل تلك العذابات , التي مرت بك من جرح إلى جرح ومن ألم إلى ألم لم تكسر عزمك ويقينك
إبنك المنذر يرثيك بدموعة ووجعه
يا الله سكنآ لأمي بجنان الخلد
وإجمعني بها على سرر متقابلين
نضحك وتسمع لي ما تركته من أثر بقلب إبنها
رحلت أمي وهي قبيل رحيلها بيومين تسمع لي حفظي
لسورة فصلت أة يا أمي سألتقيك بالجنان وقد أكملت حفظ القرآن والصحيحين
وسألتقيك بالجنان وقد حققت كل ما تمنيتية في أبنك ( المنذر )
أمي سامحيني , فكم علمتيني الصبر والتحمل وكم هيأت نفسي ألا أجزع لفراقك , لكنّ لحظة رحيلك كسرتني علقت بقلبي وغصّت بها روحي , ذاهل أقف على باب المستشفى الذي يضمّ بكفين باردتين أغلى الأمهات , تمنيت أن ينبت لي جناحان وأن يتحول صوتي هدير رعد ليصل أنيني في جنبات الروح معلنا رحيل أمي , وجلست لأحسب عمري دونك ، وجدت عمري ناقص أمي , , ولكن لي سؤال حائر : أحقاً هناك دُنيا دون أمّ وكيف ستكون وعلى أية شاكلة؟
تعال يا زمن لأسرد لك فقدي من جديد, فقد عاد الحزن يغطي سمائي وتزفه إلي الأقدار وأنا المذهول لعودته السريعة لي.
تعال يا زمن لنجلس على رفات الفرح ونحكي قصص المواجع
تعال يا زمن وأقرأ علي آيات الصبر وبخرني ببخور الإيمان واغسلني بماء زمزم علّ يهدأ فؤادي ولا قدرة لي للصبر .
ما أعظمك يا أمي أسال الله الصبر لفراقك فوداعاً يا زمني الماضي والحاضر!
أرقدي يا أمي بسلام , وفي مثواكِ بالفردوس أحلمي , لقد أوصيت حاملي النعش أن يسرعوا وإلى مثواكِ بكِ يهرعوا يا أمي.
وقفة :
لابد من الرحيل وإن أبت القلوب, وآه من طول الليالي وسوادها بعد فقدك يا أمي,فلا شيء كالموت يكسر القلوب والأجنحة